تعدّ ولاية “جيجل” من أقدم المدن الجزائرية العريقة والتي تأسست قبل القرن السادس من الميلاد،إذ تجتمع فيها معالم سياحية وتاريخية فريدة من نوعها، هذا وتحتوي الولاية على العديد من الأحياء السكنية ذات الطابع التاريخي والتي تمتد قبل وبعد الحقبة الاستعمارية، وسنحاول تسليط الضوء على حي “لاكريط “.
موقعه ونشأته:
تأسس حي “حريش عيسى”، أو كما يُعرف لدى عامة الجواجلة بحي “لاكريط” سنوات الأربعينات من القرن الماضي، حيث يعدّ من أقدم الأحياء في ولاية “جيجل”.قديما سُميت المنطقة بعدة أسماء من بينها:”حجيرة””غولة” و”بوهلال”، ويرجع أصل تسمية “لاكريط”أو الأصح “la crête” بمعنى القمة كونها عبارةعن قمة جبل، تحدّه أحياء “الوازيز”، “قصادة”، باب السور” وحي “أيوف”.
الحي أثناء الفترة الاستعمارية:
خلال الفترة الاستعمارية لم يسكن المعمرون “لاكريط”، حيث كان الحي منذ نشأته خاصا بالأهالي من السكان الجواجلة، في حين قامت السلطات الاستعمارية بإنجاز السلالم التي تربط الحي بالمدينة على مستوى حي “باب السور”، كما كانت المنطقة التي شيّدت عليها العمارات بعد الاستقلال أراض خضراء تسمى “دور زعيوطة”، أمّاالجهة التي تُقابل المدينةفهي عبارة عن أروقة ضيقة (سقيفات).
وكان في هذه المباني في “بوهلال”، التي كانت تسمى سابقًا الزاوية،أن اجتمع قبل اندلاع الثورة التحريرية أعضاء المنظمة الخاصة (O.S)، التي تأسست رسميًا في 15 فيفري1947، من بينهم “محمد بوضياف” المسؤول عن نظام التشغيل في “قسنطينة”، مع أصدقاء جيجل،على غرار “يوسف بالهول”و”سي الحسين رويبح” و”عمار بوراوي” وغيرهم كُثُر،أين تردّد على هذا المكان كذلك نشطاء، مثل:”أحمد دروة” و”قدوركيموش”،”محمد زيغة” المدعو”عباس”،”عيسى حريش”، وغيرهم.
أصل السكان ودراستهم:
يعود أصل سكان حي “لاكريط” إلى منطقة “بني أحمد” وما جاورها، بحكم أن غالبية قاطني الحي ينحدرون من هناك،وهم السكان الأوائل الذين عمّروا المنطقة خلال سنوات الأربعينيات من القرن الماضي، على غرار عائلات، “دراعة”، “بوكبوس”، “لهتيهت”، “مسعودان”، “لحريش”، “مشطر”، “زيغة”، “كيموش”، “بوطالب” وكثيرون…، أين تلقوا دراستهم الأولى في الكتاب الذي كان يسمى “الزاوية”، والمختص في تحفيظ القرآن الكريم وهو عبارة عن بيت صغير.
هذا ويتميّز حيّ “لاكريط” بالعلاقة الوثيقة بين سكانه، ويظهر ذلك من خلال المُحافظة على التّقاليد والروابط الاجتماعية، وتجلّي القيم الإنسانيّة مثل احترام النّاس لبعضهم البعض، ويشارك الناس بعضهم في الأفراح والأقراح.
الحي بعد الاستقلال:
شهد الحي بعد الاستقلال تغيرا تدريجيا سواء من ناحية السكان، أو النسيج العمراني، حيث تمّ تهديم بعض المنازل وإعادة بنائها بعد أن باعها أصحابها، كما توسّع الحي بتشييد عمارات في المنطقة التي كانت عبارة عن أراضي خضراء.
أسماء من الحي سقطت في ميدان الشرف:
وبالرجوع إلى التاريخ والأسماء التي ضحّت من أجل نيل الاستقلال أثناء الفترة الاستعمارية نذكر منهم:”الشهيد سنقاد بوعلام”، “بومليحة علاوة”، “الإخوة طالبي”، “زكري أحمد”، “بوكبوس محمد الطاهر”، “كيموش عبد المجيد”، “عبدالله بوجمعة”، “دروة جيلالي”، “بوزيدة محمد”، “عبدالله مختار” وآخرون سقطوا في ميدان الشرف دفاعا عن القضية الوطنية إبان الثورة التحريرية.
الأمين بوكبوس
الإعلانات